محاضرة: الظهور الإعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي

أنا سماء الصعبي مذيعة بمعهد الجزيرة للإعلام.. تخرجت من كلية الآداب بجامعة دمشق قسم اللغة الإنجليزية،

إلى جانب التدريب أقدم برنامج "نصف ساعة مع.."  الذي يبثّ على منصات المعهد الرقميّة، وفيه أستضيف نخبة من نجوم شبكة الجزيرة الإعلامية، ومدربي معهد الجزيرة للإعلام، للحديث عن تجاربهم وخبراتهم، وتقديم النصائح للمقبلين على العمل في مجالات الصحافة المختلفة.

أهلا بكم في محاضرة الظهور الإعلامي في شبكات التواصل الاجتماعي.

 

في هذه المحاضرة سنتناول أهم المهارات التي يحتاجها كل من يرغب بالظهور على المنصات الرقمية.

سيتمكن المتابع لهذه المحاضرة من مهارات وأساليب التحضير الجيد للظهور في مواقع التواصل الاجتماعي.. بدءًا بوضع الخطة، وكتابة السيناريو، ووصولا إلى البحث المعمّق وإعداد المحاور الرئيسية، وإطلاق البث المباشر.

سيتعرف المتابع أيضا على أهم الأدوات التي ينبغي أن يمتلكها لضمان ظهور جيد.. ومن ذلك المايكروفون، وكاميرا جيدة، وإنترنت سريع...

وفي الختام سنتطرق إلى بعض الأخطاء الشائعة أو التحديات التي نواجهها وكيفية التعامل معها لتلافي أي مشكلة أثناء البث المباشر.

 

لنبدأ مع مصطلح وسائل التواصل الاجتماعي نفسه:

نحن في هذه المحاضرة نقصد بوسائل التواصل الاجتماعي، تلك الشبكات الرقمية الكبرى التي يستخدمها مليارات البشر في أنحاءٍ مختلفة من العالم.

من المصطلحات الشائعة كذلك:

  • مصطلح الإنفلونسر Influencer:
    وهو الشخص المؤثر على الشبكات الرقمية والحاضر دائمًا في أهم الأحداث والنشاطات الفنية والاجتماعية والسياسية.
     
  • منها أيضا بلوجر Blogger:
    وهو المدون وصاحب المحتوى المتابع لأهم الأحداث... وقد يكون إنفلونسر أيضا إذا كان لديه عدد كبير من المتابعين والمتفاعلين مع المحتوى الذي ينشره.
     
  • هناك أيضا فلوجر Vlogger:
    وهو المصطلح الذي انتشر بعد رواج صناعة الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، وخصوصا منصة اليوتيوب، و"الفلوجر" هو الشخص الذي لديه مدونة.
     
  • لدينا أيضا تريند سيتر trendsetter:
    وهو الشخص الذي ينتج ويطلق موضة جديدة تصبح رائجة في العالم الرقمي.

وهناك الهاشتاغات أو الوسوم التي تنقل المستخدمين إلى ما ينشر حول مواضيع محددة وتساهم في صناعة تريند والتأثير على الرأي العام، وتوجيهه باتجاه مواضيع بعينها.

 

قبل أي ظهور في وسائل التواصل الاجتماعي:

  • حدد الموضوع الذي ستتناوله.
  • رتب أفكارك الرئيسية وضع خطة محكمة وواضحة.
  • اعلم أن الارتجال لا ينجح دائما.. ولو اعتمدت عليه فقد يأخذك الحديث إلى مواضيع جانبية على حساب المحاور الرئيسية التي يجب أن تغطيها في ظهورك الإعلامي.
  • ركز على النقاط المحورية والمواضيع التي حددتها سلفا.. مع ترك مساحة لما قد يطرأ خلال النقاش، وما قد يثيره الضيوف من مواضيع تستحق أن تعطيها مساحة من وقتك.

النقطة الثانية هي تحديد جمهورك المستهدف فتحديدك للجمهور واطّلاعك على هُويته الثقافية واهتماماته وفئاته العمرية والبلدان التي يتابعك منها.. سيمكنك من معرفة الطريقة التي يمكنك أن تخاطبه من خلالها، والمواضيع التي ستختارها.

بعد أن حددت الموضوع وعرفتَ الجمهور سيكون عليك أن تنتقل إلى الخطوة الموالية.. وهي البحث.

أنت الآن في مرحلة البحث.. أقصد البحث المعمق حول الموضوع الذي ستتناوله، يجب أن تلمَّ بكل أبعاده، وجوانبه، وحيثياته، وتفاصيله الصغيرة التي قد تكون مهمة جدا لإثراء النقاش.

بعد أن عرفت جمهورك واخترت الموضوع، وبحثت حوله بحثا جيدا.. إذن فكل شيء جاهز لكتابة السيناريو.

 

لنبدأ الآن.

- المقدمة:

وهذا الجزء من السيناريو مهم جدا.. حيث إنه هو الذي سيثير اهتمام الجمهور ببقية الموضوع، ويدفعه لمشاهدته حتى النهاية إذا نجحت في كتابة مقدمة جيدة. وإن لم تنجح في ذلك فغالبا سيبحث جمهورك عن مواضيع أكثر أهمية بالنسبة له.

عليك أن تكتب المقدمة بطريقة تثير فضول المتابعين.. وتحفزهم على مواصلة المشاهدة..

يمكن الإشارة في المقدمة إلى أهم نقطة في بثك المباشر، أو أغرب المحاور إن وُجدت محاور غريبة، ويمكنك أيضا أن تجذب الجمهور في المقدمة، من خلال تعريفهم بضيوفك، فكلما كان ضيفك مهمًّا لدى الجمهور، كان ذلك دافعا له لمشاهدة بثك المباشر.

هناك طبعا نوع من المرونة، وقد تزيد الوقت المخصص لمحور ما أثناء البث المباشر، يمكنك حتى أن تحذف أحد المحاور في بعض الحالات.. لكن يجب أن يكون ذلك عن وعي وإدراك وتخطيط.

 

- المظهر العام:

يجب أن تحدد الشكل الذي ستظهر فيه أمام جمهور.. وأهمُّ نقطة في المظهر هي الملابس:

  • يجب أن تكون بسيطة.
  • ابتعد عن الملابس الرسمية فتلك قد تكون مناسبة للظهور التلفزيوني، أما على شبكات التواصل الاجتماعي، فلا.
  • اظهر بشكلك الاعتيادي.
  • اختر ملابس تتماشي مع نوع المحتوى، مع احترام الذوق العام.
  • وإن كنتِ سيدة فلا تبالغي في المكياج، ومساحيق ومستحضرات التجميل، فالموضوع أبسط من ذلك بكثير.

 

- المكان المناسب:

الخطوة الموالية هي تحديد المكان المناسب لظهورك الإعلامي.. أنت بصفتك مؤثرا أو مدونا أو صانع محتوى أو أي شيء آخر لست شبكة إعلامية، ولن تظهر على منصاتك الرقمية من داخل أستوديو البث المباشر المجهز لك ولبرنامجك.

إذا فما هو المكان المناسب؟

 

أدوات الظهور على شبكات التواصل الاجتماعي

- الكاميرا:
الأداة الأهم هي الكاميرا.. وهي أيضا أسهل ما يمكنك توفيره لظهورك على شبكات التواصل الاجتماعي.. فكاميرات الهواتف المحمولة تعتبر خيارا جيدا جدًا، وكثير من الهواتف اليوم يكون مصحوبا بكاميرات ذات دقة وجودة عالية.

أنا شخصياً أفضّل التابلت أو الآي باد لأن كاميرته ممتازة، وشاشته الكبيرة تتيح لي الاطلاع بسهولة على ردود المتابعين وأسئلتهم.

يمكنك اختيار أي وسيلة من الوسائل السابقة.. لكن تأكد دائمًا أن تضع الكاميرا في مستوى عينيك.

- المايكروفون والسماعات:
بعض الفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي تفقد قيمتها بسبب رداءة الصّوت والحل الأفضل لمشكلة الصّوت هي السّماعات.

لا يُفضل أبدًا استخدام أيّ جهاز للتصوير بدون سماعات.. اليوم أصبحت لدينا السماعات الحديثة التي تتصل بتقنية البلوتوث مع الهاتف أو الجهاز اللوحي، وتسهّل حركة المتحدث أمام الكاميرا..

ويمكنك أيضا استخدام سماعة الآيفون العادية.. لأنها تتّسم بجودة الصوت، وتجنبك خطر نفاد بطارية السمّاعة اللاسلكية أثناء البث المباشر.

- الإضاءة:
مؤخرًا انتشرت الإضاءة المناسبة للبث عبر المنصات الرقمية.
وهي "الرينغ" أو الدائرة، وتتميز بخفتها وسهولة طيّها وسعرها الذي يناسب الجميع.. كما أنها تتيح التحكم بدرجة الإضاءة ولونها حسب ما يناسب الإضاءة العامة للمكان الذي تظهر من خلاله عبر منصاتك الرقمية.

 

تأتي الحيوية التي نتحدّث عنها من لغة الجسد المناسبة لمضمون الكلام، خاصةً حركة اليدين، فكلما كان استخدام لغة الجسد مناسبًا، أضفت حيويةً وعمقا للمضمون.

لكن انتبه.. إيّاك أن تبالغَ في حركة الجسد، حتى لا تشتت انتباه المشاهد وينسى المحتوى الذي لديك.

 

أثناء البثّ حاول أن تركّز مع ضيفك أغلب الوقت.. ولا مانع من استراق النظر إلى التعليقات بين الفينة والأخرى، لكن لا تنشغل عن ضيفك.. واحرص على الحفاظ على اتصالك البصري معه.

يحدث أحيانا أن تجد من بين المعلقين من يحاول أن يستفزك أو يسيء إليك. حاول أن تتمالك نفسك وتجاهل مثل هذه التعليقات، فردُّك عليها قد يفاقم المشكلة، أو يخرجك من موضوعك ويَحيد بك عن أهداف ظهورك الإعلامي.. ركّز على أهدافك، واستفد مما يساعدك على تحقيقها. وتجنّب أي شيء آخر.

 

ننتقل الآن إلى أنواع الظهور في منصات التواصل الاجتماعي:

- لدينا المتحدث الفردي:
وهو الشخص الذي يقف أمام الكاميرا ويخاطب الجمهور دون أن يكون معه أي شخص آخر.

مثل برنامج (bigvu):
وهو شبيه بما يسمى في التلفزيون بـ (الأتوكيو)، لا تنسَ هنا أهمية سلاسة الانتقال من فكرة إلى أخرى، حاول أن لا تطيل فجمهور التواصل الاجتماعي ملول جدا

- مقابلة ضيف واحد:
وهو ما يعرف اصطلاحًا في مهنة الصحافة بـ 1+1، هنا لا بدَّ من بحثٍ مكثف وتحضير جيد، فإلى جانب تحضير الموضوع والبحث فيه.. تحتاج أن تختار ضيفا، ويجب أن يكون هو الضيف المناسب.

- المقابلة المتعددة الضيوف:
هذا النوع من المقابلات قد يكون على شكل "ويبنار" نقاش بين عدة أشخاص حول موضوع واحد.. هذا سيساعدك عزيزي المتابع في تناول الموضوع من جهاتٍ عدة وزوايا مختلفة.

هنا يجب أن يكون السيناريو واضحا ومفصلا.. ويغطي طبعا كل محاور المقابلة.

  • ابدأ بالتعريف بالموضوع وبالضيوف وصفاتهم... لا تطل فالجمهور يملُّ سريعًا من المقدمات الطويلة.
  • احرص على أن يكون لكل ضيف مداخلة في كل محور.
  • لا تظهر الاهتمام بضيف على حساب بقية الضيوف
  • وزّع الوقت بين ضيوفك وانتقل برشاقة بينهم.
  • حافظ على حيوية اللقاء باستخدام الأسئلة السريعة المتنوعة.
  • انتقل بين المواضيع والضيوف بطريقةِ ربطٍ لطيفة.
  • وفي حال كان لضيوفك آراء متباينة لا تظهر تحيزًا لطرفٍ دون آخر.
  • أخيرًا.. أمّن نهاية سلسلة للمقابلة وفق المعايير التي ذكرنها سابقا.. ثم اُشكر ضيوفك.. واُشكر الجمهور على المتابعة.

 

وصلنا الآن إلى نهاية المقابلة.. لكن هل يعني ذلك أننا أنهينا العمل؟

بالتأكيد لا.

- بعد انتهاء البثّ تبدأ مرحلةٌ جديدة وهي مرحلة التقييم والتفاعل مع ما فاتتك متابعته أثناء البثّ، إن كنت شخصًا مبتدئا عليك أن تتابع كلّ المقابلة من البداية وحتى النهاية فأنت خيرُ من يُقيّم العمل الذي قمتَ به.

ستدرك أين أخطأت وأين نجحت وبذلك تتجنب تكرار أخطائك في المرات القادمة وتركّز على الأشياء الجيدة وتطورها إن أمكن.

يجب أيضًا أن تتابع التعليقات السلبية منها والإيجابية، لكن لا تجعل التعليقات السلبية تؤثّر عليك بل اجعلها حافزًا لتطوير عملك.. وأيضًا لا تأخذ التعليقات الإيجابية المبالغة على محمل الجدّ حتى لا يأخذك الغرور فتسقط.

- حاول أن تردّ على التعليقات التي تأتيك وتجيبَ على الأسئلة، فجمهور وسائل التواصل الاجتماعي يحبّ التّفاعل.

- انشر البث المباشر على كل المنصات التي تتيح لك إمكانية نشره عبرها.. فهذا سيحقق انتشارًا أكبر لمادتك ويجذب لك المزيد من المتابعين.

 

الآن نصل إلى الأخطاء والتحديات التي تواجهنا خلال البث المباشر:

- ضعف الإنترنت أو انقطاعها:
ففي الكثير من بلداننا العربية تحدث انقطاعات متكررة للإنترنت، ابحث عن أقرب نقطة للراوتر أو موزع الإنترنت في المنزل ورتّب مكانك على أساس القرب منه، غالبًا ما تكون مواعيد انقطاعات الإنترنت متكررة بنفس الأوقات فتجنب البثّ خلال هذه السّاعات وتأكّد أن لديك بطّارية احتياطية مشحونةً بالكامل (باور بانك) قبل البثّ بحيث لا تتعرّض لمشكلةِ انتهاء الشّحن وأنت على الهواءِ مباشرةً.

- القفز على مرحلة التجريب:
إن كنت ستجري بثا مباشرا للمرة الأولى، يفضل أن تجرب الظهور على منصات التواصل الاجتماعي في بث خاص.

دع بعض أصدقائك المقربين يحضرون هذا البث، واستفد من ملاحظاتهم في ظهورك العلني.

تحتاج أيضا أن تجرب الظهور في بث مباشر مع ضيوفك، فقد تكون متمرسا وخبيرا لكن ضيفك يظهر لأول مرة في بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

لهذا يجب أن تتيح له فرصة إجراء تجربة معك قبل أن تُطلّا معا على الجمهور.

- التأكد من الأدوات:
يحدث أحيانا أن يبدأ البعض في بث مباشر وأثناء البث يكتشف أن جهازه غير مشحون أو أن بطارية سماعته منخفضة..

لهذا يجب أن تتأكد من كل الأدوات التي ستستخدمها في بثك المباشر، لتفادي أي خطأ على الهواء.  

- أخيراً اجعل شبكات التواصل الاجتماعي وسيلةً لإيصال أفكارك وخدمة قضيتك، لكن لا تجعلها سببًا في استنزاف وقتك.