محاضرة: صناعة المحتوى الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي

إلى جانب الخبرة المهنية عملت على مراكمة خبرة علمية، فأكملت دراستي الجامعية في بريطانيا في تخصص إنتاج وإخراج الأفلام الوثائقية. أنا أيضا مهتم بتطوير المنظومة الإعلامية في عالمنا العربي والإسلامي.. وهذه المحاضرة جزء من مسؤوليتي.

المعلومات الواردة في هذه المحاضرة هي عصارة سنوات طوال من الخبرة العملية والأكاديمية، وكل محور من محاور هذه المحاضرة قد يصلح ليكون دورة تدريبية متكاملة، لذلك نحن في هذه المحاضرة سنرشدك إلى الطريق، وإذا أردت أن تصل إلى مبتغاك، فعليك أن تستمر، عليك أن تواصل البحث والتعلم والممارسة، لتكون خبيرا في هذا المجال.

أقترح عليك أن تقتحم عالم شبكات التواصل الاجتماعي، قم بإنشاء قناتك الخاصة على أي منصة تريد، وإذا كنت مترددا فبإمكانك إنشاء صفحة مغلقة، تضيف إليها المقربين منك فقط، وابدأ بالتعلم والتدريب، إلى أن تشعر أنك قد وصلت إلى المستوى المرضي، حينها قم بنقل تجربتك إلى العامة.

 

لك عزيزي أن تسأل: لماذا أتابع هذه المحاضرة؟ وما الذي ستقدمه لي؟

سأجيبك الآن.. نحن في زمن الثورة الرقمية، وشبكات التواصل الاجتماعي التي لها تأثير عميق على مختلف مناحي الحياة، ومن واقع خبرتي في العمل الصحافي، وتخصصي في مجال السينما والإنتاج والإخراج، فقد راكمت معرفة عميقة بمختلف الأدوات التي تستخدم في مهنة الصحافة للتأثير على الجمهور وصناعة الرأي العام. وقفت أيضا على الكثير من الثغرات التحريرية في المحتويات التي ينشرها المؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي، رغم أن الجانب الفني قد يكون احترافيا في بعض الأحيان، هذه الثغرات هي ما أسعى من خلال هذه المحاضرة إلى مساعدتك في تجنبها.

ستتعرف عزيزي المتابع على كيفية صناعة المحتوى العميق والمؤثر، وستتمكن من أدوات صناعة الفكرة وبلورتها وإضافة اللمسات الإبداعية إليها. ستتمكن أيضا من تقديم المحتوى الذي تعده للمنصات الرقمية في قالَب المعالجة المناسب.

سنركز في هذه المحاضرة على الفكـــرة:

من أين تأتي؟
كيف يمكن اقتناصها؟
كيف يتم تطويرها وتحويلها إلى مادة صالحة للعرض؟
كيف نوائمها مع اهتمامات الجمهور؟
ومن هو الجمهور؟
وكيف أقدم نفسي على الإنترنت؟
ما هي الطريقة الأفضل التي أسوق بها فكرتي ورسالتي؟
وأخيرا.. ما هي الرسالة التي أسعى لإيصالها، وكيف أشكّل هُوية تعبر عني وتعكس ما أريد؟


في نهاية هذه المحاضرة ستكون قادرا على تقديم نفسك للجمهور، مستندا إلى هُويتك الخاصة، التي تحقق أهدافك وتعكس رسالتك، وستمتلك مهارة خلق الأفكار وتطويرِها وإضافة لمسة التأثير للمحتوى الذي تقدمه، وسنختم المحاضرة ببعض المحاذير التي يجب عليك تجنبها في إعداد المحتوى الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

البساطة أجمل

في بداية الحديث عن إعداد المحتوى الشخصي على شبكات التواصل الاجتماعي أريدك أن تتذكر عزيزي أن البساطة دائما أجمل.. فالأدوات التي تستخدمها في إعداد المحتوى مثل الصوت والصورة والموسيقى يجب أن تخدم المضمون وليس العكس. الصورة الجميلة الفارغة من المضمون مثل الفقاعة لا أثر لها، لذا فقبل أن تفكر في شكل المحتوى وأسلوب الإخراج عليك أن تعمل على الفكرة والمضمون. ولا تنسَ كذلك أن المحتوى الجيد قد يظلمه القالب السيئ الذي يقدّم فيه، فالكاميرا ومعدات التصوير والإضاءة وأجهزة وبرامج المونتاج يجب أن تكون في خدمة الفكرة والمحتوى، لا أن تكون سببا في التأثير سلبا عليه. تذكر دائما أن القاعدة السينمائية تقول: 70 في المئة للفكرة و30 بالمئة للشكل والتقديم.

 

اعرف نفسك قبل كل شيء

سنقف قليلا عند هذا المحور لأهميته، ولأننا سنحتاج العودة إليه في كل مرحلة من مراحل هذه المحاضرة، أقدم لك رفيقك طوال المشوار (Me List).. هذه اللائحة التي تراها على الشاشة هي عبارة عن اختبار يوضح لك الرؤية ويبقيك على الطريق الصحيح. هذا الاختبار لك أنت وحدك.. ولا يوجد صواب أو خطأ في الإجابة عليه، لا توجد كذلك إجابة نموذجية، لكنك حين تجيب بصدق وعمق ستحصل على مكافأة، مكافأتك أنك ستلامس جوهرك، وتتعرف على ذاتك، ونتيجة ذلك معروفة، فحين تصل إلى ذاتك، ستصل إلى الآخرين وتؤثر فيهم، وستنأى بنفسك عن حالة التشتت والضياع المنتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

ما أهمية هذه الخطوة؟

غالبا ما نضع احتياجات الآخرين فوق احتياجاتنا، ونقلل من تقدير أنفسنا، لذلك نعيش في تشتت، ونفقد معلومات هامة حول هُويتنا الحقيقية، قد نتعرض للانتقاد أو السخرية، وقد نجد أنفسنا في مواجهة العديد من القيود الاجتماعية، كل ذلك قد يحجب عنّا رؤيتنا الواضحة لأنفسنا، لهذا فأنت بحاجة إلى أن تعود إلى حقيقتك، لكي تبتعد عن التصنع، فما يميزك في الحقيقة هو أن تكون فريدا، لا أن تكون نسخة من الآخرين.

وهذا التكنيك يستخدمه أغلب المخرجين والمنتجين العالميين قبل إنتاج أي عمل فني، فنحن نتغير باستمرار، ونراكم تجاربَ ونطور أفكاراً جديدة، لذلك نحتاج دائما أن نعود إلى ذاتنا وحقيقتنا.

لهذا أنصحك أن تأخذ كامل وقتِك في الإجابة على الأسئلة، وأن تعود إليها باستمرار وتراجع إجاباتك.

كصانع محتوى شخصي على شبكات التواصل الاجتماعي هناك مجموعة من الخطوات عليك مراعاتها في البداية:

الخطوة الأولى: إعداد ملف شخصي احترافي:
لكل منصة من منصات التواصل الاجتماعي خصائصها، عليك أن تتعرف عليها بشكل جيد، وإذا كان هدفك التأثير فيمن حولك فعليك أن تقدم نفسك من خلال الجانب الذي ستؤثر به في الآخرين. إذا كنت ناشطا اجتماعيا على سبيل المثال يجب أن يعكس ملفك الشخصي ذلك، يجب أن تعرّف الآخرين على مهنتك، ومستواك التعليمي واهتماماتك وانتماءاتك الفكرية والدينية والثقافية. عليك أن تكون واضحا ومباشرا، وأن تتبع أسلوبا بسيطا أثناء إعداد ملفك الشخصي، ويمكنك الاستفادة من بعض المؤثرين الآخرين من خلال العودة إلى صفحاتهم، فكّر في الانطباع الذي يبقى معك حين تزور صفحة أحد المؤثرين، واقتبس فكرة من ذلك الانطباع، حاول أن تصل إلى التعريف الذي يقدمك بصورة واضحة للجمهور.


الخطوة الثانية: الاسم والصورة:
اختر اسم المستخدم بعناية لأنه لا يتغير، وسيكون عنوان صفحتك، ويمكنك اعتباره كرقم هاتفك الشخصي الذي تعطيه للآخرين من أجل التواصل معك، اسمك الشخصي هو الذي سيعرفك الآخرون من خلاله، وهو أيضا ما يعكس هُويتك، لذلك من الممكن أن يحمل في جزء منه ما يشير إلى مهنتك سواء كنت طبيبا أو صحافيا أو محاميا أو غير ذلك.

تذكر أن صورة الملف الشخصي فرصة أخرى للتعبير عن نفسك، اختر صورتك بعناية وتذكر أن أغلب مواقع التواصل الاجتماعي يكون حجم الصورة فيها صغيرا جدا، وأنت تحتاج أن يتعرف عليك المستخدمون بسرعة، حدد الصورة التي تستخدمها بناء على مجالك.. فهل ستظهر بلباس رسمي في حساب رياضي؟
       

الخطوة الثالثة: الجمهور:
حتى تفهم أهمية التعرف على جمهورك، تخيل أنك تغمض عينيك وأنت تتحدث مع الآخرين دون أن تراهم.. كيف ستعرف الانطباع الذي تتركه فيهم، ومدى تفاعلهم معك؟ ما الذي ستفقده من ردود الفعل والتواصل المباشر والأخذ والرد؟
معرفة جمهورك ستوضح لك الرؤية حول الموضوعات التي تختارها، والأسلوب والطريقة التي تعتمد. يجب أن تحدد من هو جمهورك المستهدف، وما الذي تريده منه.
مثلا أنا كمشجع لأحد الفرق الرياضية، لست معنيا أبدا بجماهير الأندية الأخرى، ولا أوجه المحتوى الذي أنشره إلى جمهور آخر، وليست لدي رغبة في التفاعل والتواصل معهم، نفس الشيء ينطبق على كل المجالات، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو دينية أو غير ذلك.
العناية بهذه الخطوة من البداية ستساعدك على معرفة الأمور التي يجب أن تتجنبها والمواضيع التي عليك أن تطرحها، ولكي تنجز هذه الخطوة ارجع إلى هُويتك، حدد من أنت؟ ماذا تريد أن تطرح؟ ومن هو جمهورك؟
       

الخطوة الرابعة:

الهُوية: كل ما سبق كان مقدمة لتشكيل صورة نسميها "الهُوية" في واقع الأمر لكل واحد منا أسلوبه، شكله، مظهره، طريقة كلامه وتصرفاته، وغيرها من الصّفات التي تشكل مجتمعة شخصية الإنسان، هذه هي الهوية على أرض الواقع. وفي مواقع التواصل الاجتماعي يجب عليك أن تصنع لنفسك هوية تمثلك، تكون بمثابة بصمتك الخاصة.. هذه الهوية تبدأ من ملف التعريف الخاص بك، وتمر بصورتك الشخصية، وتصل إلى الطريقة التي تخاطب بها جمهورك (Me List) أو اللائحة التي شاركتها معك قبل قليل، هي المنقذ دائما. عد إليها وطوّرها وستلاحظ مع الوقت أن الرؤية بدأت تتضح لك فيما يخص الهُوية والمحتوى الذي يناسبك ويناسب جمهورك.


أشارك معك في هذا المستوى التمرين التالي:

عد الآن إلى حساباتك في مواقع التواصل الاجتماعي.. راجع كل ما تطرقنا إليه قبل قليل، وتأكد أن ملفك الشخصي يقدمك للجمهور بشكل واضح، ويعكس هويتك وطبيعة المحتوى الذي تقدمه.

 

صناعة الفكرة:

أخبرني.. أنا كمستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي لماذا أتابعك؟ الإجابة بسيطة: أنا أتابعك من أجل الفكرة والمحتوى الذي تقدمه. أنت صاحب هُوية واضحة وتعرف جمهورك. الآن يجب أن تسير بثقة في الإطار الذي حددته لنفسك، وتعطي القسط الأكبر من جهدك للبحث عن الأفكار.

اختر فكرة التغذية مثلا، عليك أن تبدأ في البحث حول هذا الموضوع، أن تقرأ المقالات الموثوقة، وتتابع البرامج التي تناولت الموضوع. بعد ذلك تعمق في هذه الفكرة، واختر زاوية معالجة محددة. مثلا اختر موضوع التغذية من الزاوية الرياضية، تأكد من دقة المعلومات التي توصّلت إليها، وقم بتنقيح المحتوى الذي بين يديك، ثم استفد من الطرق والأساليب التي عالج بها الآخرون مواضيع مشابهة. يمكنك أن تقتبس فكرة ما من هذا البرنامج أو ذاك، لكن بشرط أن تستخدمها وفق رؤيتك، وأن تضيف عليها لمستك الخاصة. وتذكر مقولة الفنان الإسباني بيكاسو "الفنان الجيد هو من يقلّد.. أما الفنان العظيم فهو من يسرق" والمقصود بالسرقة طبعا ليس أن تقوم بعملية نسخ ولصق، وإنما أن تتعلم وتستفيد من تجارب المبدعين، مع إضافةٍ تقدمها دون غيرك.

اختر دائما عنوانا لأي فكرة أو منشور، هذا الأسلوب يعطي عمقا للعمل، ويحافظ على الهُوية والاستمرارية، ويجنبك الضياع. اللوحات الفنية العالمية جميعها تحمل أسماءً وعناوينَ، وإن كانت غير مكتوبة على اللوحة.. لوحة الموناليزا مثلا الصرخة والعشاء الأخير.

 

أشارك معك تمرينا آخر:

عد إلى النصائح التي قدمناها لك قبل قليل، واكتب مقالا من صفحة واحدة عن رياضة الكروسفت.

كيف أصوغ الفكرة؟

بعد اكتمال البحث حول فكرة ما، وإعداد مسودة عن المحتوى الذي نريد نشره، نعمل على إعادة ترتيب النقاط باستخدام تقنية: الرغبة والحاجة/ wants and needs.

هذا الأسلوب بنمط التجارة القائم على العرض والطلب، هدفك ورغبتك هو: زيادة المبيعات أو تحقيق انتشار أو إيصال رسالة وعبرة، في مقابل حاجة الآخرين أو ما يفيدهم ويلفت انتباههم.

تأكد أنك لن تصل إلى غايتك ما لم ترضِ جمهورك، يجب أن تستدرج الجمهور من خلال تقديمك لما يثير اهتمامهم، ولتحقق ذلك عليك أن تعود مجددا إلى (Me List) حدد جمهورك وهُويتك.

دعونا نتعرف الآن على العبقري الوحيد التي خرج من الصناعة السينمائية بحسب الفيلسوف الإنجليزي برنارد شو، عُرف باسم عبقري الصمت، شارلي شابلن.. أدعوك لمشاهدة أفلامه الموجودة على يوتيوب والتعمق فيها:

ما هو سر نجاحه؟
كيف بات من أكبر صانعي المحتوى على مر العصور؟
الإجابة ببساطة في الفكرة، فقد نجح "شارلي شابلن" لأن الأفكار والموضوعات التي يقدمها نابعة من حياته ومحيطه وتمثل هويته، حيث كان يعبّر عن قساوة الحياة بأسلوب ساخر، وما زالت أفلامه مصدر إلهام للكثيرين على الرغم من أنها تعود لنحو 100 عام، وهي بالأسود والأبيض وصامتة من غير حوار ولا مؤثرات صوتية. هذا يعود بنا إلى بداية هذه المحاضرة ومستهلها، حيث قلنا إن المحتوى يستمد تأثيره من الفكرة، وإن باقي الأدوات كالصوت والصورة والمونتاج هي عامل مساعد فقط، نحن نتابع اليوم أفلام شابلن، ولدينا إرث ضخم وتراكم معرفي كبير، بينما في ذلك الوقت كان ابتكار مثل هذا الفن عبقرية في حد ذاته.

 

المحتوى الإبداعي:

أنت كصانع محتوى تعمل في محيط مزدحم، فشبكات التواصل الاجتماعي مليئة بصناع المحتوى، وهناك الملايين من الساعات الفيلمية تنشر يوميا على الإنترنت، والمستخدم لديه العديد من الخيارات، لهذا تأكد من أنه لن يلتفت إلى المحتوى الممل، تحتاج إلى طُعم تشد به انتباه المستخدم في أول 15 ثانية، البعض يقلل المدة أكثر فيقول ثانيتين لهذا نستخدم (Cover page) للفيديو أو نستخدم العنوان أو المانشيت أو صورة معبرة لاصطياد الجمهور.

سأشارك معك أربعة أساليب إبداعية في تقديم المحتوى، وعليك أن تتعمق فيها أكثر وتواصل البحث عن أساليب جديدة:

من الخاص إلى العام
وهو أسلوب قصصي مشوق نبدأ مثلا بقصة أو حكمة أو مدخل فيه عبرة يقودنا إلى العنوان الكبير، فمثلا مقال رياضة الكروسفت الذي طلبت منك كتابته قبل قليل، يمكننا أن نبدأه بسرد تجربة شخص معين في هذه الرياضة، وكيف أثرت على حياته، ومن ثمّ ننتقل إلى موضوعنا الرئيسي.

من العام إلى الخاص
وفي هذا الأسلوب يمكننا أن نتناول العنوان الرئيسي لموضوعنا، ثم نعطي مثالا ونختم بقصة أو حكمة أو ما شابه، وهذا الأسلوب كما تلاحظ هو عكس الأسلوب الأول، هنا نقوم باستخدام العبرة في النهاية لمزيد من التوضيح أو لإطلاع المشاهد على المزيد من التفاصيل حول الموضوع.

الهرم الصحيح
وفق هذا الأسلوب نقوم بسرد المعلومة أو القصة بالتسلسل الصحيح للأحداث، حيث نقوم بسرد الوقائع حسب التسلسل الزمني أو المنطقي أو الموضوع لنصل إلى النهاية، وهذا مثال خبري يوضح الفكرة.
شنت قوات الاحتلال صباح اليوم غارة على قطاع غزة دمرت حيا سكنيا كاملا واستشهد خلال القصف عشرون شخصا وجرح خمسون.

الهرم المقلوب
ونعني بالهرم المقلوب ترتيب الأحداث وفق أهميتها، وهذه هي الطريقة التي تعتمدها المؤسسات الإخبارية غالبا في عرض الأخبار على المشاهد، حيث تبدأ بالأهم فالمهم وتنتهي بالأقل أهمية.


قوالب المعالجة:
لدينا موضوع جاهز وهُوية واضحة، لكن كيف نقدم هذا المحتوى للجمهور وكيف نختار القالب المناسب للموضوع؟

بكل بساطة نعود إلى خبرتنا وتجارب الآخرين كي نحدد القالب المناسب. نستفيد من صناع المحتوى، لنرى كيف قاموا بمعالجة المواضيع المشابهة. اطلع على مواضيع ملهمة، واسأل نفسك لماذا يعد هذا المنشور ملهما: الإجابة ستمنحك السر في جعل أسلوبك مؤثرا بنفس الطريقة.

مثلا قد تجد موضوعا مشابها تم عرضه عبر سلسلة تغريدات، وأنت متقن (للموشن جرافيك) في هذه الحالة يمكنك الاستفادة من نقاط قوتك، عليك أن تقوم بعرض الموضوع من زاوية معالجة جديدة وفي قالب يناسب المضمون ويتيح لك عرضه بطريقة أفضل، وذلك من خلال مهارتك في التصميم والتحريك مثلا.

لهذا يجب أن تعمل على عرض المحتوى بأسلوب مرئي شيق، وهنا يجب أن نشير إلى نقطة مهمة، وهي طبيعة المنصة التي ستبث الموضوع من خلالها، لأن طبيعة المنصة تؤثر في نوعية الفيديو. فلكل منصة ما يناسبها من حيث حجم الفيديو ومقاسه ومدته...

وفي سياق الحديث عن قوالب المعالجة دائما تذكر أنه لديك خيارات عديدة، يمكنك أن تنشر الموضوع على شكل تغريدة أو صورة معبرة، أو فيديو أو تسجيل صوتي، بما يتناسب مع أسلوبك وما يخدم الموضوع ويقدمه بشكل مؤثر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التغريدة أو النص هي أبسط أنماط المعالجة..

أضف صورة للنص.. فما هو مرئي أبلغ تأثيرا من المحتوى المقروء فقط، زد على ذلك أن شبكات التواصل الاجتماعي تدعم انتشار المحتوى المرئي.

يمكنك أيضا استخدام التعليق الصوتي والمؤثرات الصوتية، باعتبار أن الصوت يحمل معه المشاعر التي تبرز الفكرة، سواء كانت فكرة جادة أو مرحة أو حزينة.

أخيرا وكما ذكرنا في البداية، يجب أن يخدم القالب المحتوى والفكرة، فالقالب الذي يناسب موضوعا ما، قد لا يناسب موضوعا آخر، لهذا نركز على أن يخدم الشكلُ المضمون، ونختار قالب المعالجة بناء على ذلك.

نتوقف معا عند هذا التمرين
تخيل أننا نستطيع الإمساك بكلماتنا التي تخرج من أفواهنا، نلمسها نراها نحس بها نختار تركها أو إعادتها ثانية. موضوع متعدد الزوايا، استلهم من هذا المشهد فكرة ثم محتوى ثم معالجة. كيف تعبر عن هذا المشهد؟ حوّل الصورة الذهنية إلى شيء ملموس بأفضل الأساليب؛ وتذكر قيمة البساطة.

 

لمسة التأثير:
من المهم أن نعرف أن التأثير لا يأتي عن طريق المعلومة نفسها فالمعلومات منتشرة في كل مكان، وكم من قائد مركبة يعرف أن السرعة قاتلة، لكن المعلومة وحدها لا تكفي لردعه والتأثير فيه، التأثير يأتي من الانطباع والمشاعر التي تتركها المادة في نفس المتلقي، وقد تأتي هذه المشاعر على شكل (انفعال، فرح، حزن، اشمئزاز، انجذاب) هذا الإحساس هو ما يبقي المعلومة عالقة في ذهن المتلقي ويعطيها قوة وتأثيرا. اصنع هذا الإحساس، وتأكد من أن عنوان المادة يعبر عن الإحساس الذي تريد أن تقدمه.

لو طلبنا منك وصف الحرب لشخص لا يرى، فماذا ستكتب؟ صف الحرب بثلاث نقاط فقط. أدعوك للقيام بهذا التمرين..

 

النشر والتسويق
اختر المنصة الرئيسية للمحتوى بحسب حاجتك والطرح الذي تقدمه، ثم قم بدعم المنصة الرئيسية بمنصات أخرى لتحقيق الانتشار. مثلا يمكن أن تكون المنصة الرئيسية التي تعتمد عليها هي: يوتيوب، لكن تقوم بنشر المحتوى أيضا على تويتر وواتساب وفيسبوك وإنستغرام لكي تحقق انتشارا أوسع، مع إرفاق المحتوى برابط قناتك على اليوتيوب لضمان المزيد من التفاعل والمشاهدات.

 

خذ بعين الاعتبار:

توقيت النشر فهناك أوقات الذروة التي تضمن فيها الوصول لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور.
استخدم الهاشتاغ لتسهيل الوصول إلى منشوراتك وربط موضوعك بالمهتمين به.
استفد من الأهل والمعارف لإعادة إرسال المحتوى على الواتساب.
اطلب الدعم من أصدقائك.. فقد تحتاج إلى تجنيد بعض المقربين لمساعدتك في عملية التسويق.
ارتبط بمنصات مشابهة.. فإذا كان المحتوى الذي تقدمه قيما فسوف يحقق المزيد من التفاعل على الصفحات التي تقدم محتوى قريبا منه.
تفاعل مع الجمهور.. فعالم التواصل الاجتماعي مبني على التفاعل ولا تغضب من الردود المستفزة، وتأكد أن من تفاعل معك فقد تأثر بموضوعك.


المهمة لم تنتهِ..

حلل النتائج واعمل على تطوير نفسك والمحتوى الذي تقدمه فمن الأخطاء التي يقع فيها منتجو المحتوى الشخصي على منصات التواصل الاجتماعي عدم تقييم التجربة.

استفد من ملاحظات المستخدمين على اختلاف فئاتهم العمرية وانتماءاتهم الفكرية والثقافية، فحين تأخذ كل ذلك بعين الاعتبار سيتكامل العمل الذي تقدمه ويصبح مناسبا للجميع، ويجد فيه الجميع ما يفيدهم. فحين تناقش عملك مع أطياف مختلفة ستغطي ملاحظاتُهم جوانب لم تكن تتوقعها.

من الأخطاء أيضا غياب إستراتيجية وجدول زمني واضح للنشر.. فالانقطاع عن النشر سيفقدك جمهورا، والاستمرارية ستبني لك قاعدة جماهيرية تتسع مع مرور الوقت.

من الأخطاء كذلك عدم الانفتاح على التغيير. عليك كصانع محتوى أن تكون مرنا وقابلا لتطوير الأداء وتحسينه. التطوير والابتكار وتقديم الجديد دائما مفيد لك.. اعمل على أن تصنع بصمتك الخاصة وأن تتعمق في مجالك وتطور مهاراتك، وحين تحقق كل ذلك، واصل طريقك بثقة، فأنت الآن صانع محتوى محترف..

إلى اللقاء.